الرئيسية || من نحن || || اتصل بنا | |||||
سهيل سامي نادر.. المتوّج بسوء الحظ شاكر الأنباري *
كتب سهيل سامي نادر، وهو شخصية إعلامية وثقافية لها باع مديد في النقد التشكيلي، مذكراته الشيقة، "سوء حظ"، بعدما ظل الحظ هذا يلاحقه منذ أن تورط في مهنة الصحافة قبل حوالى خمسين سنة. كتبها في سن السابعة والسبعين، بعد وصوله إلى الدنمارك لاجئاً قبل عشر سنوات، وقد أغلقت طرق العيش أمامه، سواء في بغداد، أو عمّان، أو دمشق. وسوء الحظ، كما رأيناه في تلك السيرة، نتج عن شخصية الكاتب ذاته، فهو شخصية حالمة، متمرّدة على الواقع، تبحث عن يوتوبياها الخاصة في الظروف كافة. لا تهادن، صادقة مع ذاتها، وتحاول وضع بصمتها الخاصة على الحيز الصحافي والثقافي الذي تمارسه. الأمر الذي لا يمكن الوصول إليه في بيئة موبوءة كالبيئة العراقية.
ذكرياته تشكل أرشيف الأعوام الخمسين الماضية من تاريخ العراق
وقد عنون الفصول بعتبات، هي في الواقع نقلات مفصلية في حياته، وحياة
البيئة الاعلامية والسياسية العراقية. ولأنه أنجز الكتاب، وهو يقترب من
الثمانين، جاءت المذكرات خبرة مكثفة وجريئة لحياة انسانية وثقافية. أما
كَون الذكريات تشترك مع أشخاص كثيرين من الرسامين والمثقفين والسياسيين
والصحف، فذلك ما يجعل الكتاب أيضاً أرشيف لتلك الحقبة، حقبة الأعوام
الخمسين المنصرمة من دون أسف. تلك الصحف، والمجلات، والمكاتب،
والمؤسسات، لها ارتباط كبير بالسياسة العراقية بكل تعرجاتها، وبكل
مراحلها. وتنعكس تلك التحولات في العمل الصحافي والثقافي والاجتماعي،
وهو ما رصده سهيل بكل دقة. حاول تفسير تلك التحولات والاهتزازات على
ضوء الأهواء الشخصية، والمصالح، والعنف، والقمع، والميول الطائفية،
والإغراءات الوظيفية، والتصفيات الجسدية. كلها فعلت فعلها، وتركت
بصماتها في واقع الصحافة العراقية طوال العقود الخمسة.
تجاربه تلك كشفت حقيقة فاقعة لمسها كل شخص كرس نفسه لهذا الحيز، ألا
وهي العلاقة الحميمة، والقاتلة أحياناً، بين الاعلام والسلطات
المتعاقبة. والصحافة عادة ما تكون هي المنفعلة بسياسة البلد،
وآيديولوجياتها، والعكس ليس صحيحاً، ونادراً ما صحّت مقولة السلطة
الرابعة في العقود العراقية الأخيرة. غنى هذه المذكرات نتج كذلك من
تزاحم وتراكم شخوصها وأحداثها ومفارقاتها، ورواية الأحداث الشخصية
كخبرة، وتجربة، رافقها تحليل سياسي وفكري وحتى جمالي، ما جعل من
المذكرات لوحة معرفية ترسم بوضوح ما عاشه العراق الحديث بعد العهد
الملوكي.. لا في السياسة وحدها إنما في الفن، والعمارة، والنقد،
والتحولات الاجتماعية، والظواهر المرافقة لها على صعيد الآيديولوجيات
الشيوعية، والقومية، والإسلاموية الطائفية الحاملة لمعول الدين الممذهب
لهدم الهوية العراقية المتعارف عليها. · (المدن) البيروتية
|
|||||
الرئيسية || من نحن || الاذاعة الكندية || الصحافة الكندية || اتصل بنا | |||||