الرئيسية || من نحن || || اتصل بنا

 

  

ميدان التحرير بالقاهرة

 

بلومبيرغ: الربيع العربي كشف عن هشاشة الأنظمة الاستبدادية وسرعة زوالها

 

لندن –  إبراهيم درويش : قال تيموتي كالداس، المستشار المستقل في مجال المخاطر والزميل غير المقيم بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إن الربيع العربي أظهر أن الاستبداد هو كل شيء لكنه ليس مستقرا.

وقال مقال نشره موقع “بلومبيرغ” بمناسبة مرور العشرية الأولى على الربيع العربي إن المصريين اجتمعوا في ساحة التحرير المعروفة بالقاهرة لتنظيم سلسلة من الاحتجاجات التي استطاعت في أقل من شهر إنهاء حكم 30 عاما للرئيس حسني مبارك. وأعطى نجاحهم زخما لحركة شعبية عربية أطاحت قبل ذلك بديكتاتور في تونس وألهمت الملايين على طول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للنهوض ضد الأنظمة الديكتاتورية.

بعد عقد لا يزال وعد الربيع العربي مستمرا في تونس وفي التطورات الأخيرة في السودان. مع أن الديكتاتورية في بقية العالم العربي قامت بتحصين نفسها.

وأسقطت الحركة طاغيتين آخرين في كل من ليبيا واليمن، واهتزت الأنظمة الأخرى حتى النخاع من قوة هذه الموجة.
وبعد عقد لا يزال وعد الربيع العربي مستمرا في تونس وفي التطورات الأخيرة في السودان. مع أن الديكتاتورية في بقية العالم العربي قامت بتحصين نفسها، ومنها من واجه فشل الدولة أو الحرب الأهلية. وانهارت اقتصاديات ونزح الملايين وفي عدد من الأطراف تتواصل النزاعات العنيفة أو تغذت نتيجة التدخل الخارجي الذي تتنافس فيه الدول الديكتاتورية. ويناقش الحكام المستبدون أن الدروس من الفوضى والعنف هو أن العالم العربي ليس مؤهلا للديمقراطية. وتتعاطف الكثير من الدول الغربية على الأقل مع هذا الخط من التفكير. وتوافق الدول هذه على ما يقوله الديكتاتوريون ونظرياتهم حول الاستقرار، ولا تعير انتباها إلا بقدر قليل للثرثرات المتعلقة بالقمع والتجاوزات الأخرى في وقت تواصل فيه تسليح وتمويل الكثيرين من أسوأ المنتهكين.

وكان هذا التوجه واضحا جدا عندما لعب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دور المضيف للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورفض الدعوات التي طالبته بالربط بين التسليح وانتهاكات حقوق الإنسان، مضيفا بشكل غير مقبول أن هذه الشروط ستضيف إلى هشاشة الوضع السياسي. إلا أن الربيع العربي كشف أن العكس هو الصحيح. فالطريقة الفوضوية وغير المتوقعة وغير المتكافئة التي دخلت فيها الأنظمة إلى الأزمة وانهارت مع المجتمعات التي حكمتها تظهر أن الأنظمة الشمولية هشة ومصدر العنف والاضطراب في نفس الوقت.

الاضطراب هو نتاج الاستبداد، وأهم سبب مشترك للعنف هو محاولة الطاغية منع التحول الديمقراطي واللجوء للقوة المفرطة.

ففي 2011 أطيح بحكام كل من تونس وليبيا ومصر واليمن ودخلت سوريا في حرب أهلية واضطرت البحرين لدعوة قوة أجنبية كي تتكفل بسحق انتفاضة شعبية ضد الملكية. كل هذا لا يعني أن أي حكم ديكتاتوري يحمل ماركة صلاحية نهاية الاستخدام. وحتى عندما تستمر فإنها تواجه مخاطر مستمرة للعنف والاضطراب والانهيار المفاجئ.
والاضطراب هو نتاج الاستبداد، وأهم سبب مشترك للعنف هو محاولة الطاغية منع التحول الديمقراطي واللجوء للقوة المفرطة. وأحسن مثال يجسد هذا هو قمع بشار الأسد للانتفاضة الشعبية في سوريا والتي حظي بدعم لقمعها من الديكتاتوريين في إيران وروسيا.

عندما تتم الإطاحة بالديكتاتوريين، يؤدي غياب المؤسسات إلى دولة فاشلة، كما هو واضح في اليمن وليبيا.

أما المصدر الثاني للاضطراب فهو ضعف الدولة التي يحاول المستبدون الحفاظ عليها بهذا الشكل خوفا من ظهور مؤسسات قوية وتحمل مصداقية. وعندما تتم الإطاحة بالديكتاتوريين، يؤدي غياب المؤسسات إلى دولة فاشلة، كما هو واضح في اليمن وليبيا.

أما في مصر فقد أعادت النخبة تجميع نفسها أثناء عملية الانتقال من الديكتاتورية وجيشت الرأي العام وشنت انقلابا عام 2013 ضد أول رئيس انتخب ديمقراطيا. واستطاعت النخبة هذه الحصول على دعم من ملكيات الخليج التي شعرت بالقلق من انتشار الانتفاضات في كل أنحاء المنطقة.

وبعد الانقلاب تعرض المحتجون لمستويات من القمع والوحشية مثيرة للقلق. وواجهوا الاعتقالات الجماعية والتعذيب في السجون والمذبحة في الشوارع.
ونظرت الدول الغربية إلى الجانب الآخر باعتبار أن ما فعلته النخبة كان أمرا ضروريا لإعادة الاستقرار. ولو اعتقد المسؤولون الغربيون أن الاستبداد ضروري للاستقرار، فالديكتاتوريون يعون أنفسهم ضعف موقعهم. وكمثال على هذا المظاهرات التي دعا إليها مقاول مصري سابق في أيلول/سبتمبر 2019 عندما بدأ بنشر أشرطة فيديو على صفحته في فيسبوك من منفاه الاختياري في إسبانيا متهما السيسي والمقربين منه بتبذير أموال الدولة على بناء قصور وفنادق لأنفسهم. ولم يستجب لدعوته في 19 أيلول/سبتمبر 2019 إلا عدة آلاف، لكنه عدد كان كافيا لإثارة غضب الحكومة وبيانات من الرئاسة والبرلمان ووزارة الدفاع.

وفي البداية أصر السيسي أن القصور هي جزء من الدولة الجديدة التي يقوم ببنائها. وبعد الاحتجاجات أصدر تصريحات تصالحية ووعد بإضافة أعداد جديدة من المصريين للدعم الحكومي. وفي نفس الوقت قامت الحكومة باعتقال الآلاف خشية أن تتوسع التظاهرات على طريقة 2011. كل هذا رد على أشرطة فيديو نشرت على صفحة فيسبوك وآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا في أنحاء من بلد يصل تعداده 100 مليون نسمة. ورد الحكومة لم تدفعه مصلحة الحفاظ على الاستقرار بقدر الخوف، ومعرفة أن الحكام الديكتاتوريين يسقطون سريعا. فالمظالم التي أخرجت المصريين إلى الشوارع عام 2011 و2019 يشترك فيها سكان المنطقة.

وأسقطت التظاهرات المضادة للحكومة في الأعوام الماضية حاكما في السودان والجزائر وحكومات في لبنان والعراق. ومن هنا فرفض الكثير من الأنظمة التخلي عن نماذج الحكم الديكتاتوري المترافق مع زيادة المتاعب الاقتصادية يزيد من مخاطر أن ينهار حكم ديكتاتوري هش آخر في قابل السنين.

 المصدر : “القدس العربي”

 
الرئيسية || من نحن || الاذاعة الكندية || الصحافة الكندية || اتصل بنا